يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "إن التواضع يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله وتعظيمه ومحبته وإجلاله، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها.
فيتولّد من بين ذلك كلِّه خلقٌ هو التواضع؛ وهو: انكسار القلب لله؛ وخفض جناح الذلِّ والرحمة بعباده، فلا يَرى له على أحدٍ فضلاً؛ ولا يَرى له عند أحدٍ حقًا، بل يرى الفضل للناس عليه؛ والحقوق لهم قِبَلَه، وهذا خُلقٌ إنما يُعطيه الله - عز وجل - من يُحبُّه ويُكرمه ويُقرِّبه"(1).
ويقول أيضًا: "أركان الكفر أربعة: الكبر، والحسد، والغضب، والشهوة، فالكبر يمنعه الانقياد، والحسد يمنعه قبول النصيحة وبذلها، والغضب يمنعه العدل، والشهوة تمنعه التفرغ للعبادة ... ومنشأ هذه الأربعة: من جهله بربه وجهله بنفسه، فإنه لو عرف ربه بصفات الكمال ونعوت الجلال، وعرف نفسه بالنقائص والآفات لم يتكبر ولم يغضب لها ولم يحسد أحدًا على ما آتاه الله، فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله فإنه يكره نعمة الله على عبده... فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته. ولذلك كان إبليس عدوًا حقيقة لأن ذنبه كان عن كبر وحسد. فقلع هاتين الصفتين بمعرفة الله وتوحيده والرضا به وعنه والإنابة إليه"(2).
والتواضع يراد به أمران: الأول: التواضع للحق والانقياد له.
الثاني: التواضع للخلق وعدم التكبر عليهم.
ومن الأسماء الحسنى التي تبعث على خلق التواضع أسماؤه سبحانه: (الرب، السيد، الحي، القيوم، الواسع، المجيد، العظيم، الكبير، المتكبر، الغني، الحميد، المجيد، الصمد، الحق، المبين، الهادي، الغني، الرزاق، الخلاق، الجبار، القاهر، الوهاب).
نماذج من تعبد السلف - رضي الله عنهم - بهذه الأسماء وظهور ذلك في تواضعهم وبعدهم عن الكبر:
__________
(1) الفوائد ص157، 158 (باختصار).
(2) الروح ص 522.
Post Top Ad
Saturday, March 27, 2021
165 ولله الأسماء الحسنى المؤلف: عبد العزيز بن ناصر الجليل الصفحة
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
No comments:
Post a Comment